معدلات و نتائج الباكالوريا، وجه من أوجه تفوق عقل المرأة

 


المقال إهداء إلى الفتاة أمينة زروالي، صاحبة أعلى معدل عام على المستوى الوطني في الدورة العادية من إمتحانات البكالوريا بنقطة .19,53


للمجتمع الذكوري الذي أوهمنا أن المرأة ناقصة عقل، وأن المرأة ضلع أعوج، وأن المرأة تستحق الضرب وإن كان غير مبرحا، وأن أكثر النساء في النار، وأن شهادة المرأة ناقصة، وأن مكانة المرأة هو المطبخ والمنزل، بل وأحيانا تم الإقلال من قيمتها ومكانتها ومقارنتها بالحلوة، فنسمع مثلا حلوى مكشوفة وحلوى غير مكشوفة،  وأن المرأة لا تصلح إلا للإنجاب......

نقول لهذا المجتمع الذكوري، أعد حسابتك، وأعد قرائتك للواقع والأحداث، أعد قيمتك للمرأة لأنها ببساطة شريكتك في الحياة والبناء والعمل، ونجاح أي حضارة مرتبط بمدى إحترام هذه الحضارة بالدرجة الأولى للمرأة ودورها في العطاء.

أعد حسابتك واعترف أن عقل المرأة أحيانا يتفوق على عقلك أيها الرجل، وما نتائج البكالوريا إلا خير دليل على ذلك،

أعد حسابتك واعترف أنها مخلوق يتفوق عليك أحيانا  في الطاقة والنشاط والمسؤولية آلاف المرات، ففي الوقت الذي تتلقى فيه أنت تربية الذكر ولك هامش كبير من الحرية والتجول، تحرم المرأة من هذه الحرية لأنها ببساطة يجب أن تساعد أمها في متاعب المنزل والمطبخ بحجة أنها يوما ما ستتزوج وستصبح ربة بيت وعليها أن تتقن فن الطبخ لذكر آخر هو زوجها.

اعلم أيها الرجل، أنه لولا العادات والتقاليد،  لكانت الموازين مختلفة، ولولا أنه تم التلاعب بالنصوص واحتقار المرأة في كتب التراث، وغياب حق المرأة في الوصول إلى مراتب بحجة وجود نصوص شرعية مكذوبة تقول لك: خاب قوم ولوا أمرهم  امرأة، وأنت تعلم علم اليقين أنه اليوم اذا دخلت إلى أي مؤسسة أو إدارة أو مستشفى، قد تتكلف المرأة بقضاء طلباتك ومساعدتك في كل الإجراءات  بأقصى سرعة  ممكنة ودون لف أو دوران أو التلميح للقهوة التي عوضت كلمة الرشوة .  

لولا كل هذا الاحتقار، لكانت المرأة اليوم عزيزي الرجل رئيسة حكومة، أو رئيسة بلد، وسوف ترى بأم عينيك كيف سيتحول بلدك إلى ألمانيا جديدة، وإذا لم تصدق، اسأل الشعب الألماني الذي يعتبر أكبر قوة إقتصادية ومالية وصناعية في أروبا عن امرأة اسمها أنجيلا ميركل، إنها مسألة عقليات وثقافات فقط عزيزي الرجل، وبالمناسبة كل الاحترام للشعب الألماني ذكورا واناثا لأنهم وضعوا  ثقتهم و مستقبلهم بيدي امرأة، وهذا ليس جنون ولا انتقاص للرجل، وإنما هو اعتراف بالكفاءات، والمرأة أثبتت كفاءتها في العالم وتمكنت من اقتحام مجالات كانت في زمن ما حكرا فقط على الرجال، فأصبحنا نرى رائدات في الفضاء، فلا داعي إذن بتكرار جملتك الشهيرة التي حفظتها عن شيوخك أو خطباء الجمعة، أن المرأة ناقصة عقل، لأنك تجر نفسك وعقلك ضد تيار الحداثة والاعتراف بالواقع، وهذا شأنك، لأنك ببساطة، وبطريقة تفكيرك السطحية التي لا تعترف بإنجازات المرأة تثبت للعالم أنك رجل تنتمي  لمجتمع ذكوري سلطوي، وعلى المرأة السمع والطاعة.   

كل فتاة اليوم حصلت على معدلات مشرفة في البكلوريا، هي مشروع ميركل بشرط أن  تتوفر لها الظروف والإمكانيات ويدعمها القانون والمجتمع.


 *أمينة البقالي*